محتويات المقال
تغيير جذري في سياسات ميتا
في خطوة غير متوقعة، أعلن مارك زوكربيرغ، المدير التنفيذي لشركة “ميتا” (مالكة منصات واتساب وفيسبوك وإنستغرام)، عن إنهاء التعاون مع شركات مراقبة المحتوى الخارجية. تعتمد الشركة الآن على نموذج مشابه لمنصة “إكس” (تويتر سابقًا) المملوكة لإيلون ماسك، حيث تُترك مسؤولية مراقبة المحتوى للمستخدمين أنفسهم. يهدف القرار إلى تعزيز الحرية على المنصة، وهو ما يثير تساؤلات حول تأثيره على جودة المعلومات المنشورة.
صدمة في الأوساط التقنية
كان إعلان زوكربيرغ مفاجئًا، لا سيما للشركات التي تعاونت مع “ميتا” في مجال تدقيق المعلومات. ووفقًا لتقرير نشرته “نيويورك تايمز”، فإن القرار شمل الشركات المتعاقدة بشكل مباشر مع قسم توثيق المعلومات في “ميتا”، إلى جانب المؤسسات الخارجية. من بين المتضررين، مجلة “ليد ستوريز” التي تلقت إشعارًا بإنهاء التعاقد رغم تجديده مؤخرًا.
كما تأثرت “بوليتيفاكت”، الصحيفة الأميركية المستقلة، التي كانت تعتمد على تعاونها مع “ميتا” لتأمين نسبة تصل إلى 5% من أرباحها السنوية. ولم يكن الضرر مقتصرًا على الشركات الأميركية فقط؛ فقد كانت شركات مثل “فتبينوا” الأردنية ووكالة “إيه إف بي” الفرنسية تلعب دورًا كبيرًا في تدقيق المحتوى بلغات متعددة.
آثار القرار على الشركات
على مدى السنوات الماضية، أصبح التعاون مع منصات التواصل الاجتماعي في مجال تدقيق المعلومات مصدر دخل رئيسي للعديد من الشركات. ومع قرار “ميتا” الأخير، بدأت بعض هذه الشركات في البحث عن شراكات جديدة مع منصات أخرى مثل “تيك توك” لتعويض الخسائر.
ما وراء القرار: حرية أم سياسة؟
لم تقدم “ميتا” توضيحًا كافيًا لأسباب القرار سوى السعي لتحقيق حرية أكبر. لكن بعض المصادر داخل الشركة أشارت إلى أن القرار جاء بالتنسيق مع الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة دونالد ترامب، الذي انتقد سابقًا سياسات “ميتا” واتهمها بقمع الآراء. تزامن هذا مع ترقيات داخلية لصالح شخصيات مقربة من الإدارة الجمهورية وتبرعات لصالح حملة ترامب الانتخابية.
مخاطر انتشار المعلومات المغلوطة
تشير الدراسات إلى أن منصات مثل “واتساب” تُعد بيئة خصبة لانتشار الشائعات، خاصة في المناطق التي تعتمد على هذه المنصات كمصدر رئيسي للمعلومات. وأظهرت دراسة إندونيسية عام 2019 أن 60% من كبار السن يصدقون المعلومات المغلوطة المتداولة على “واتساب”. ومع غياب سياسات تدقيق المحتوى، يُتوقع تفاقم المشكلة بشكل كبير.
فرصة لكشف الحقائق أم قيد جديد؟
رغم المخاوف من انتشار المعلومات المضللة، يرى البعض أن القرار يفتح المجال لنشر قضايا كانت محظورة سابقًا. ومن أبرز هذه القضايا، القضية الفلسطينية التي طالما عانت من التقييد في منصات “ميتا”.
لكن يبقى السؤال: هل ستلتزم “ميتا” بسياسة الحياد التام، أم ستضع قيودًا تتماشى مع مصالحها؟
الخاتمة:
قرار “ميتا” يمثل نقطة تحول في سياسات إدارة المحتوى على المنصات الرقمية. وبينما يفتح المجال لمزيد من الحرية، فإنه يحمل معه تحديات كبيرة تتعلق بالمعلومات المغلوطة. فهل ستنجح الشركة في تحقيق التوازن بين الحرية والمسؤولية؟ أم أننا أمام حقبة جديدة من الفوضى الرقمية؟