محتويات المقال
عودة جمال سليمان إلى دمشق
عاد الممثل السوري جمال سليمان إلى دمشق بعد غياب قسري دام 13 عامًا نتيجة مواقفه المعارضة للنظام السوري السابق. ونشر سليمان عبر حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يوثق رحلته، حيث قال مبتسمًا: “بالطائرة بعد 13 سنة متجهين إلى دمشق… زمان، والله اشتقنا يا شام”.
استقبال حافل في مطار دمشق الدولي
كان في استقباله في مطار دمشق الدولي عائلته وأصدقاؤه ومحبيه الذين رحبوا به بحرارة وسط الزغاريد والهتافات. رفع المستقبلون سليمان على الأكتاف، بينما لوّح هو بالعلم السوري، في مشهد يعكس عاطفة جياشة وفرحة بالعودة. وفي تصريحات إعلامية أدلى بها فور وصوله، أعرب سليمان عن مشاعره قائلاً: “ما أشعر به الآن لا يمكن وصفه. كنت دائمًا على يقين بأنني سأعود. هذا اليوم يمثل لحظة انتظرتها بإيمان كبير”. وأضاف أن عودته تفتح الباب أمام التفكير في المستقبل، سواء على المستوى الفني أو السياسي.
الغياب القسري والنشاط في المهجر
جاءت مغادرة سليمان لسوريا أواخر عام 2011 بعد اقتحام قوات الأمن منزله وتلقيه تحذيرات بعدم العودة. وبحلول عام 2012، استقر في مصر مع عائلته، حيث واصل مسيرته الفنية بنجاح، إلى جانب نشاطه في المعارضة السياسية عبر “منصة القاهرة”، التي تهدف إلى دعم حل سياسي للأزمة السورية.
طموحات سياسية ورسائل تسامح
في مقابلات صحفية، أشار سليمان إلى إمكانية ترشحه لرئاسة سوريا مستقبلاً إذا توفرت انتخابات ديمقراطية حقيقية، موضحًا: “لا أستبعد الترشح إذا لم أجد مرشحًا مناسبًا يمثل طموحات السوريين”. كما دعا إلى ضرورة تجاوز الماضي والعمل على حوار وطني شامل يجمع كافة السوريين، لبناء دولة مدنية ديمقراطية، مؤكدًا على مسامحته لكل من اتهمه بالخيانة.
مسيرة فنية مميزة
جمال سليمان، المولود في دمشق عام 1959، يُعتبر من أبرز نجوم الدراما السورية والعربية. بدأت مسيرته الفنية بالتمثيل في العديد من الأعمال التي حظيت بإشادة واسعة، منها “صلاح الدين الأيوبي” و”التغريبة الفلسطينية” و”ملوك الطوائف”، وهي أعمال أسهمت في تعزيز مكانته كواحد من أهم الفنانين في العالم العربي.
لم يقتصر نجاحه على الدراما السورية، بل تألق أيضًا في الدراما المصرية من خلال مسلسلات مثل “حدائق الشيطان” و”الطاووس”، مما جعل منه رمزًا للنجاح الفني عبر الحدود.
إضافةً إلى موهبته التمثيلية، عُرف سليمان بمواقفه الفكرية والسياسية التي جعلت منه شخصية مثيرة للجدل. كانت رؤيته تستند دائمًا إلى أهمية التغيير الديمقراطي والإصلاح السياسي في سوريا. وعلى الرغم من التحديات التي واجهها، ظل ملتزمًا بمبادئه، داعيًا إلى إنهاء الصراعات والعمل على بناء مستقبل مشترك للسوريين.
رمزية العودة إلى دمشق
رحلة سليمان إلى دمشق تحمل رمزية كبيرة. فهي ليست مجرد عودة شخصية بل تعكس أيضًا بداية مرحلة جديدة مليئة بالآمال في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. إذ تُعد خطوة سليمان هذه رسالة إيجابية تدعو إلى الوحدة الوطنية، وهو ما يتطلب جهودًا متضافرة من جميع الأطراف لتحقيقه.
من الناحية الفنية، عودته إلى دمشق قد تكون فرصة لإعادة إحياء المشهد الدرامي السوري، خاصة وأن سليمان يمثل رمزًا للدراما السورية الكلاسيكية التي طالما جذبت الجماهير العربية. في السنوات الأخيرة، واجهت الدراما السورية تحديات كبيرة نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية، ما يجعل وجود أسماء كبيرة مثل سليمان أمرًا ضروريًا لإعادة تألقها.
تتزامن عودة سليمان مع تطلعات السوريين لرؤية بلادهم تعود إلى الاستقرار والسلام. وفي هذا السياق، يشير سليمان إلى أهمية تقديم فن يعبر عن طموحات الناس ويساهم في تعزيز الحوار الثقافي والاجتماعي. كما يؤكد على ضرورة أن يكون الفن أداة للتغيير الإيجابي، وأن يلعب دورًا في توحيد الصفوف بدلًا من تعميق الانقسامات.
أصبح سليمان خلال سنواته في المهجر رمزًا للمعارضة الفنية التي تجمع بين الالتزام الإنساني والفني. ورغم الضغوط التي تعرض لها، اختار استخدام شهرته لنشر رسالة أمل ووحدة. وهذا ما أكسبه احترام شريحة واسعة من الجمهور داخل وخارج سوريا.
أعمال فنية خالدة
تاريخ سليمان الفني حافل بالأعمال المميزة التي شكلت جزءًا من ذاكرة المشاهد العربي. ففي مسلسل “التغريبة الفلسطينية”، قدّم أداءً استثنائيًا يعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني وتطلعاته. وفي “صلاح الدين الأيوبي”، جسد شخصية تاريخية بعمق وإتقان، ما أضاف إلى مسيرته بُعدًا ثقافيًا وتاريخيًا.
أما في مصر، فقد برز سليمان كأحد أبرز الوجوه الفنية العربية، حيث تعاون مع كبار المخرجين والكتّاب المصريين. واستطاع من خلال مسلسلات مثل “حدائق الشيطان” أن يقدم صورة جديدة عن الممثل السوري، مما ساهم في تعزيز الروابط الثقافية بين سوريا ومصر.
ختامًا
ختامًا، عودة جمال سليمان إلى دمشق بعد 13 عامًا ليست مجرد حدث عابر، بل تمثل بداية لمرحلة جديدة قد تحمل معها العديد من الفرص والتحديات. سليمان، الذي تجاوز كل الصعاب متمسكًا بمبادئه، يظل نموذجًا للالتزام الفني والسياسي. فهل تكون هذه العودة بداية لتحقيق أحلامه وأحلام الكثير من السوريين في رؤية بلادهم تسير نحو مستقبل أفضل؟
المصادر: الجزيرة , مقالات